صحة

انتشار كبير لفيروس “كا” في تونس، مختص يكشف الأعراض وطرق الوقاية…

تونس / أم أم نيوز

في ظلّ تزايد المؤشرات الوبائية المسجّلة خلال الأسابيع الأخيرة، حذّر المختص في علم الفيروسات الدكتور محجوب العوني من مخاطر التهاون في الوقاية من الإنفلونزا الموسمية، داعيًا المواطنين بصفة عامة، والفئات الهشة بصفة خاصة، إلى التحلّي باليقظة والإقبال على التلقيح في أقرب الآجال. ويأتي هذا التحذير على خلفية الارتفاع الملحوظ في نسق انتشار سلالة متحوّرة تُعرف بـ«خ»، والمنبثقة عن فيروس الإنفلونزا من الصنف «إ» (H3N2)، والتي تشهد انتشارًا سريعًا في عدد متزايد من دول العالم.

وأوضح الدكتور العوني أن الحديث عن السلالة «خ» لا يعني بالضرورة ظهور فيروس جديد كليًا أو غير معروف، بل يندرج في إطار التحوّرات الجينية الموسمية التي تطرأ بصفة دورية على فيروسات الإنفلونزا. وبيّن أن هذه الطفرات تُعدّ ظاهرة علمية معروفة ومراقَبة منذ عقود، غير أنّ خصوصية السلالة الحالية تكمن في قدرتها الأكبر على الانتشار وسرعة العدوى مقارنة بسلالات سابقة، مع احتفاظها في الوقت ذاته بالأعراض الإكلينيكية التقليدية للإنفلونزا، مثل الحمى، والسعال، وآلام العضلات، والإرهاق العام.

وفي هذا السياق، طمأن الدكتور العوني المواطنين مؤكدًا أن لقاح الإنفلونزا المعتمد خلال الموسم الحالي يوفر حماية فعّالة ضد السلالة المتحوّرة «خ»، إذ يحتوي على مضادات لفيروس الإنفلونزا «إ» (H1N1) ومضادات لفيروس «إ» (H3N2)، إضافة إلى مضادات للفيروس الموسمي «B». واعتبر أن هذه التركيبة المتكاملة تضمن مستوى جيدًا من الوقاية، لا سيما في ما يتعلّق بالحد من المضاعفات الخطيرة التي قد تترتب عن الإصابة، خصوصًا لدى كبار السن ومرضى الأمراض المزمنة.

وكشف الدكتور العوني أن السلالة «خ» تم رصدها لأول مرة في أستراليا خلال شهر أوت 2025، قبل أن تسجّل توسعًا تدريجيًا وسريعًا ليشمل انتشارها أكثر من ثلاثين دولة في مختلف أنحاء العالم. وأوضح أن هذا الانتشار الواسع في فترة زمنية قصيرة يفسّر القلق المتزايد في الأوساط الطبية والعلمية من إمكانية تسجيل موجة إصابات قوية خلال الأشهر القادمة، خاصة مع حلول فصل الشتاء وازدياد التجمعات البشرية في الفضاءات المغلقة.

وشدّد العوني على أن الفترة الحالية تُعدّ مناسبة جدًا للتطعيم، خاصة قبل بلوغ ذروة الإصابات المتوقعة خلال شهر جانفي 2026. ولفت إلى أن التأخير في أخذ اللقاح قد يُضعف من فرص الوقاية، نظرًا لأن الجسم يحتاج إلى فترة زمنية تتراوح بين أسبوعين وثلاثة أسابيع لتكوين المناعة اللازمة بعد التلقيح. كما حذّر من أن التهاون في هذا الجانب قد يرفع من احتمالات التعرض لمضاعفات صحية خطيرة، قد تصل في بعض الحالات إلى الاستشفاء أو حتى الوفاة، خاصة لدى الفئات الأكثر هشاشة.

وفي هذا الإطار، نبّه الدكتور العوني إلى أن النساء الحوامل، والأطفال، وكبار السن، ومرضى الأمراض المزمنة مثل السكري وأمراض القلب والجهاز التنفسي، إضافة إلى الأشخاص ذوي المناعة الضعيفة، يُعدّون من أكثر الفئات عرضة لتداعيات الإنفلونزا. ودعا هذه الشرائح إلى عدم التردد في التوجه إلى مراكز التلقيح، ليس فقط لحماية أنفسهم، بل أيضًا للمساهمة في الحد من الضغط على المنظومة الصحية وتقليص عدد الحالات الخطيرة.

كما أكّد أن الوقاية لا تقتصر على التلقيح فقط، بل يجب أن تكون مقاربة شاملة تجمع بين التطعيم والالتزام بالإجراءات الوقائية اليومية. وفي هذا السياق، دعا إلى احترام قواعد النظافة العامة، مثل غسل اليدين بانتظام بالماء والصابون، وتهوئة الفضاءات المغلقة، وتجنّب الاختلاط المكثّف في حال ظهور أعراض مرضية، إضافة إلى ارتداء الكمامات عند الاقتضاء، خاصة في الأماكن المزدحمة.

وفي ختام تصريحه، شدّد الدكتور محجوب العوني على أن المرحلة القادمة، التي تتزامن مع عطلة نهاية السنة وما يرافقها من احتفالات عائلية وتجمعات، فضلًا عن العطل المدرسية، تتطلب قدرًا أكبر من الوعي والمسؤولية الجماعية. وأكد أن الالتزام بالإجراءات الوقائية والتلقيح في الوقت المناسب يبقى السبيل الأنجع للحد من انتشار الفيروس وحماية الأرواح، مشددًا على أن الإنفلونزا، رغم شيوعها، ليست مرضًا بسيطًا دائمًا، وقد تتحوّل إلى خطر حقيقي في حال الاستهانة بها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى